حققت المرأة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تقدماً ملحوظاً على مدار العقود القليلة الماضية. ويُعزى هذا التقدم إلى التحوّل الاقتصادي والاجتماعي المتسارع الذي شهدته المنطقة، لا سيما دول مجلس التعاون الخليجي، حيث أدت الاستراتيجيات والسياسات التنموية الوطنية دوراً فعالاً في مشاركة المرأة في القوى العاملة.
وبهدف تحقيق التوازن بين الحياة المهنية والحياة الشخصية، غالباً ما تأخذ المرأة قراراً بالتوقف المؤقت عن العمل خلال مراحل حياتها. ومن خلال الاستفادة من مجموعة النساء اللاتي يمتلكن الموهبة والخبرة اللازمة ويتطلعن إلى العودة إلى العمل، لا تتمكن الشركات والمؤسّسات من تعزيز جودة وتنوع المهارات والرؤى في موقع العمل فحسب، بل تضمن أيضاً حلاً فعالاً لمسألة التواجد المتواضع للنساء في المناصب القيادية العُليا.
يسلّط تقريرنا الضوء على تجارب النساء والتحديات التي واجهنّها. كما يعتمد التقرير على الرؤى المستقاة من مجموعات المناقشة ومن استطلاع شمل حوالى 1,200 امرأة في الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وقطر، ومصر، والبحرين، والأردن، والكويت، ولبنان، وعُمان، إلى جانب مقابلات أجريت مع رؤساء تنفيذيين يتولون قيادة القوى العاملة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
مجموع المساهمات التي قد تحققها النساء العائدات إلى العمل في الناتج المحلي الإجمالي لدول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التسع التي شملها استطلاعنا.
نسبة النساء اللاتي انقطعن عن العمل وهنّ في مستويات وظيفية تتجاوز المستوى الابتدائي من السلم الوظيفي.
المكاسب الإضافية التي يمكن تحقيقها على صعيد الناتج المحلي الإجمالي في الدول التسع المشمولة في الاستطلاع من خلال تفعيل ترتيبات العمل المرنة.
نسبة النساء العائدات إلى العمل اللاتي يعتقدن أنّه بإمكانهنّ التقدّم إلى المستويات العليا في المؤسَّسات التي يعملن بها.
نسبة النساء اللاتي أكّدن على أهميّة تلقي الدعم من شريك الحياة وجميع أفراد الأسرة عند العودة إلى العمل.
نسبة النساء اللاتي أكّدن على أهمية برامج تشجيع العودة إلى العمل وتأثيرها في قرارهنّ بإعادة الانخراط في سوق العمل.
بحسب النساء اللاتي توقفن مؤقتاً عن العمل، كان الدافع الأول هو رعاية الأسرة أو تربية الأطفال أو التعافي من الولادة.
لأسباب الرئيسية للحصول على فترات الانقطاع الوظيفي (النسبة المئوية من النساء اللاتي حصلن على فترات انقطاع وظيفي)
43% من النساء اللاتي توقفن مؤقتاً عن العمل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عُدن إلى مزاولة المهنة. وبحسب الاستطلاع الذي أجريناه، تشير 60% من النساء إلى أن التوقف المؤقت عن العمل يؤثر سلباً في حياتهن المهنية، مع العلم أن هذا الرقم يرتفع أكثر بالنسبة إلى الأمهات العاملات.
تشير 46% من المشارِكات إلى أهمية تلقي الدعم من شريك الحياة وجميع أفراد الأسرة أثناء العودة إلى العمل. كذلك، تعطي النساء الأولوية لمؤسّسات الأعمال التي تضمن توازناً بين العمل والحياة الخاصة وتوفر ترتيبات عمل مرنة أو عن بُعد. وتشير 27% من النساء اللاتي شاركن في الاستطلاع إلى أن إمكانية الوصول إلى فرص عمل تتناسب مع مهاراتهن وخبراتهن تُعتبر عاملاً آخر يمكّنهن من العودة إلى العمل.
إن التوقف المؤقت عن العمل ليس أمراً جديداً، ومع ذلك ما زالت المرأة تواجه عقبات أثناء عودتها إلى العمل. ولا بد من الإشارة إلى أن النساء العائدات إلى العمل يساهمن بحوالى 385 مليار دولار أمريكي من الناتج المحلي الإجمالي في دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التسع التي شملها الاستطلاع. وتستفيد الشركات أيضاً من إمكانية الوصول إلى مجموعة من المواهب التي تمتلك المهارات والخبرات اللازمة، ما يمكّنها بالتالي من إعداد مسارات قيادية قوية ومستدامة.
في بعض الأحيان، يفترض قادة العمل أن المرأة العائدة إلى العمل تفتقر إلى الخبرة أو أن مستوى مهاراتها قد تدنى. ونتيجة لذلك، يتم رفض طلبها الوظيفي حتى قبل النظر فيه.
تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أنه كلما طالت فترة التوقف عن العمل أصبحت العودة أكثر صعوبة.
تُسھم النساء العائدات إلى القوى العاملة بقدرٍ كبیرٍ من المواھب، ما یُعدّ أمرًا بالغ الأھمیّة لنجاح مؤسّسات الأعمال في جمیع أنحاء المنطقة. تستعرض ھذه الدراسة العدید من التدابیر العملیة التي یُمكن لقادة الأعمال تبنّیھا لمواجھة التحدّیات التي عادةً ما تقف حائلاً أمام النساء العائدات إلى العمل، وخلق ثقافة عمل أكثر شمولاً وتنوعًا.
إنَّ إطلاق نماذج عمل بدیلة، مثل العمل المرن أو العمل عن بعد، على نطاقٍ أوسع، من شأنھ أن یُساعد النساء على تحقیق التوازن بین مسؤولیات العمل والمنزل بالطریقة المُثلى. كما یُمكن لسیاسات إجازة الأبوّةالأكثر إنصافًا، وكذلك البرامج المُحكمة لتشجیع العودة إلى العمل، أن تُساعد في تسریع وتیرة عودة النساء إلى سوق العمل، تزامنًا مع ضرورة قیام الشركات بمواجھة مخاطر التحیّز اللاواعي من خلال السیاسات الشمولیة في مواقع العمل، وتدریب فرق العمل والقادة ومسؤولي استقطاب المواھب، بالإضافة إلى توفیر برامج فعّالة للتوجیھ والرعایة.
وھذا بدوره یقتضي إعادة النظر في عملیات التوظیف وإدارة الأداء للتأكد من خلوّھا من التحیّز. إن التشجیع الدؤوب للنساء على العودة إلى سوق العمل بات ضرورةً استراتیجیّةً للاستفادة من وجھات النظر المتنوعة، والمستوى المتزاید من الإبداع والابتكار، والمخزون الأكبر من المھارات الثریّة، ما یساعد على الارتقاء بالأداء المؤسّسي وتوفیر مسارات قیادیة مُستدامة.
وفي خضم السباق المحموم لاستقطاب المواھب، فإن الإخفاق في استغلال ھذه البوتقة من المواھب یعني فُقدان مجموعة لا غنى عنھا من المھارات، حیث یمكن للشركات والمؤسّسات باتخاذھا إجراءاتٍ استباقیّة أن تدفع العجلة إلى الأمام بدایةً من رفع الوعي مرورًا باتّخاذ التدابیر المُناسبة وصولًا إلى تحقیق النتائج المرجوّة. إنّ تقدیر دور المرأة في سوق العمل لیس واجبًا أخلاقیًّا فحسب، بل ھو حافزٌ رئیسيٌ للنمو والتطوّر.