إعادة تشكيل رحلة تملك المساكن
يعدّ تطوير سوق الإسكان في المملكة العربية السعودية وتمكين الأسر السعودية من تملّك المساكن المناسبة التي تلبّي احتياجاتهم، عنصرًا أساسيًا في رؤية السعودية 2030. منذ العام 2017، عندما كان ما يقارب 1.6 مليون مواطن سعودي مدرجين على قائمة الانتظار لبرامج الإسكان التي تقدّمها الحكومة، قامت وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان بإطلاق عدد من المبادرات لزيادة توافر المساكن ذات التكلفة الميسرة وتحسين فرص الوصول إلى خيارات التمويل. كان العديد من المواطنين غير قادرين على تحمّل تكاليف المساكن المعروضة في السوق، وتحديدًا بسبب ارتفاع معدلات الفائدة على قروض الرهن العقاري بالإضافة إلى قائمة الانتظار الطويلة الخاصة بالقروض بدون فوائد التي تقدّمها الحكومة.
وفي مقابلة سابقة أجرتها قناة العربية مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، قال سموّه أنّ تملّك المساكن هو أحد أبرز التحديات التي كنّا نواجهها قبل تنفيذ رؤية السعودية 2030. وأضاف سموّه قائلًا: "كنّا نواجه مشكلة في مجال الإسكان ولم نتمكّن من إيجاد حلّ لها على مدى 20 عامًا. كما أن نسبة تملّك المساكن لم تزدد، ولطالما كانت تتراوح 40 و50 بالمئة."
يتمحور الهدف الأول لرؤية السعودية 2030 المنصوص عليه في كلمة القيادة التي صاغها صاحب السموّ الملكي، في أن "نبني وطنًا أكثر ازدهارًا، يجد فيه المواطن كل ما يتمنّاه. فمستقبل وطننا الذي نبنيه معاً لن نقبل إلا أن نجعله في مقدمة دول العالم، بالتعليم والتأهيل، بالفرص التي تتاح للجميع، والخدمات المتطورة، في التوظيف والرعاية الصحية والسكن والترفيه وغيره."
تنصّ الرؤية على أن "تملّك المساكن هو من الأصول الأساسية القادرة على تعزيز جودة حياة الأسر، والمجتمع ككلّ." يتوافق تحوّل قطاع الإسكان وزيادة الاستثمار في تملّك المساكن مع أهداف رؤية السعودية 2030 بطرق عدّة، نذكر منها خلق فرص وظيفية مستدامة، ورفع مساهمة القطاع الخاص، وإشراك المنظمات غير الربحية، ودفع عجلة النموّ الاقتصادي.
Playback of this video is not currently available
انطلق برنامج الإسكان عام 2018 بهدف تعزيز قدرة حصول الأسر السعودية التي تتملّك للمرّة الأولى، على مساكن تتسم بالجودة، والأمان، والتكلفة الميسورة. وقد حلّ برنامج الإسكان بديلًا لنظام حكومي انطوى على بعض التحديات منها فترات الانتظار الطويلة والمستويات المتدنية من رضا المواطنين. وفي سبيل تحقيق أهدافه، يحتاج البرنامج إلى معالجة التحديات التي تشمل النموّ السكاني، والتنمية الحضرية السريعة الوتيرة، وعدم كفاية المساكن الميسورة التكلفة المعروضة، بالإضافة إلى سوق البناء الذاتي غير المنظم.
وعملت الوزارة عن كثب مع القطاع الخاص لتيسير رحلة تملّك المساكن، وتحفيز المطوّرين العقاريين، وتوفير حلول ومنتجات سكنية تلبّي احتياجات المواطنين بأسعار تنافسية ومدعومة، بما يتماشى مع إطار عمل رؤية السعودية 2030. ينطوي برنامج التحوّل على أربعة أبعاد: التمويل، والتطوير العقاري، والأنظمة، ورحلة المستفيد.
يشهد قطاع الإسكان تحوّلًا جذريًا بقيادة وزارة الشؤون البلدية والقروية والإسكان. وستتمكّن المملكة بحلول العام 2030 من تحقيق الهدف الرئيسي لرؤية السعودية 2030 المتمثّل في رفع معدّل ملكية المساكن إلى 70%.
يعتبر قطاع العقارات أحد العناصر الحيوية في اقتصاد المملكة العربية السعودية، وهو يساهم بنسبة 7% في الناتج المحلي الإجمالي ويدعم عدّة قطاعات أخرى، حيث وفّر 40,000 فرصة عمل في العام 2021. ومع استمرار تنويع اقتصاد المملكة العربية السعودية، سيصبح القطاع أكثر تأثيرًا، حيث تهدف الرؤية إلى رفع معدل مساهمة قطاع العقارات في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة إلى 10% بحلول العام 2030.
تضمنّت المرحلة الأولى من برنامج الإسكان 5 غايات أساسية:
تعزيز قدرة الوصول إلى التمويل
تقديم منتجات سكنية جديدة وميسورة التكلفة في السوق
رفع الكفاءة في عمليات قطاع الإسكان
تعزيز أسس القطاع
وتحسين حوكمة برنامج الإسكان.
نجح البرنامج في تحقيق جميع هذه الغايات. فقد زاد عرض المساكن في المملكة العربية السعودية بشكل كبير وتمكّنت العديد من الأسر السعودية من تحقيق طموحها المتمثّل في تملّك مسكن. وصل معدل تملّك المساكن في المملكة العربية السعودية في العام 2020 إلى 62%، وسيستمر في الارتفاع إلى أن يصل لتحقيق معدّل 70% بحلول العام 2030. ساعد برنامج سكني أكثر من 210,000 أسرة سعودية في العام 2021، ممّا يجعل إجمالي الأسر المستفيدة من البرنامج 1.2 مليون أسرة. كما أن سوق قروض الرهن العقاري في المملكة شهد نموًا كبيرًا. ففي العام 2020، أبرمت الأسر السعودية 295,590 عقد تمويل سكني بقيمة 140.7 مليار ريال سعودي.
ستركّز المرحلة التالية من برنامج الإسكان على فئات المجتمع الأشدّ حاجة، بالإضافة إلى زيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص. مساهمة القطاع الخاص أساسية لدعم صمود القطاع واستدامته في ظلّ الظروف الاقتصادية المختلفة.
ستحتاج المملكة في خلال العقد المقبل، إلى إنشاء ما يقارب 1.2 مليون مسكن جديد بحيث يصل مجموع الوحدات السكنية إلى 4.96 مليون وحدة بحلول العام 2030. من المتوقّع أن يزداد الطلب على المساكن من 99,600 مسكن سنويًا في العام 2021 إلى 153,000 مسكن سنويًا بحلول العام 2030 أيّ بمتوسّط 124,000 مسكن سنويًا خلال هذه الفترة.
حققت المملكة العربية السعودية تقدّمًا ملحوظًا في مجال تحوّل قطاع الإسكان في العقد المنصرم. وتتطلّع المملكة إلى تحقيق هدف تملّك المساكن بنسبة 70%، ومساهمة قطاع الإسكان في إجمالي الناتج المحلي بمعدل 8.8% بحلول العام 2030. تعمل السياسات والمبادرات المتينة التي وضعتها الحكومة إلى جانب تفعيل العديد من المنتجات المالية، على دفع عجلة هذا القطاع، ومعالجة التحديات الرئيسية التي يواجهها سوق الإسكان، وجعل تملّك المساكن أمرًا ممكنًا للأجيال الجديدة من المواطنين السعوديين. إن تحوّل قطاع الإسكان في المملكة العربية السعودية عبارة عن قصة نجاح حقيقية، و ستلمس أرجاء المملكة نتائجه لسنوات مقبلة.