يشير استطلاعنا إلى أن المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط يعتبرون أن التغيّر المناخي، والتضخّم، والتقلبات الاقتصادية تتصدر قائمة التهديدات التي ستؤثر في بلادهم خلال الأشهر الإثني عشر المقبلة. ويحاكي ذلك آراء الرؤساء التنفيذيين في الشرق الأوسط حسبما ورد في استطلاعنا السابع والعشرين الأخير لانطباعات الرؤساء التنفيذيين: نتائج منطقة الشرق الأوسط، حيث يُعدّ التضخّم والتقلبات الاقتصادية من بين المخاطر الرئيسية التي تهدد الأعمال. ويعتبر أكثر من نصف المستهلكين (56%) في الشرق الأوسط أن التضخّم يشكّل تهديداً، مقارنةً بنسبة 64% عالمياً. هذا وقد بدأ التضخّم بالارتفاع في المنطقة أواخر العام 2021، وأعاد رسم معالم إنفاق المستهلكين، في وقت عمد فيه المستهلكون الذين يتأثرون بالأسعار إلى تحويل نفقاتهم نحو المواد الأساسية.
بالإضافة إلى ذلك، يرى 43% من المستهلكين في المنطقة أن التغيّر المناخي والظروف الجوية المتطرفة تمثّل بدورها مخاطر، وهي نسبة تتخطى المتوسط العالمي البالغ 39%. ففي الواقع، أفاد 19% من المستهلكين الذين شملهم الاستطلاع أن هذه المخاطر تأتي في طليعة المخاوف التي تساورهم. على صعيد آخر، اعتبر 42% من المستهلكين الذين شملهم الاستطلاع أن التقلبات الاقتصادية تُعدّ من بين المخاوف الرئيسية، بما يتماشى إلى حدّ كبير مع نسبة 41% عالمياً.
تجدر الملاحظة أنه على الرغم من استمرار النزاعات الجغرافية السياسية التي تشهدها المنطقة، أشار 30% من المستهلكين فقط أن هذه النزاعات تندرج ضمن التهديدات المحتملة خلال الأشهر الإثني عشر المقبلة. ويتنافى ذلك بشكل كبير مع نسبة 71% من الرؤساء التنفيذيين في منطقة الشرق الأوسط الذين صنّفوا هذه النزاعات ضمن أجندة المخاطر الرئيسية التي تهدد أعمالهم، حيث أفاد أكثر من ثلثهم أن شركاتهم معرّضة "بشكل كبير" أو "إلى أقصى حدّ" لهذه المخاطر.
إن عدداً كبيراً من المستهلكين، على الصعيدين الإقليمي والعالمي، يدركون تماماً المخاطر التي ينطوي عليها التغيّر المناخي و يعربون عن قلقهم في هذا الشأن. وتؤدي هذه المخاوف إلى تحوّل العادات الشرائية وانتقال المستهلكين إلى المنتجات والممارسات الأكثر استدامة، في ظل استعدادهم لدفع مبالغ أعلى لقاء الحصول على المنتجات المخصصة، أو تلك التي يتم إنتاجها محلياً، أو تكون بصمتها الكربونية أقل. وتتماشى الجهود التي يبذلها الرؤساء التنفيذيون في المنطقة لتحسين كفاءة استهلاك الطاقة وتطوير منتجات مراعية للبيئة والمناخ مع تفضيلات المستهلكين، حيث يعمد أكثر من نصف قادة المؤسسات إلى دمج استراتيجية الاستدامة في مختلف أقسام مؤسساتهم بشكل كامل.
أفاد 84% من المستهلكين الإقليميين مقارنةً بنسبة 85% عالمياً، أن حياتهم اليومية تأثرت بالاضطرابات المتعلقة بالمناخ، خلال الأشهر الإثني عشر الماضية. علاوةً على ذلك، أعرب 83% من المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط عن قلقهم حيال التغيّر المناخي، إذ يشعر حوالى ثلثهم (26%) بالقلق جرّاء ذلك بشكل يومي. يُذكر أن 30% من المستهلكين من جيل الألفية يساورهم القلق حيال التغيّر المناخي على أساس يومي، بالمقارنة مع 20% من المستهلكين من الجيل "زد"، و23% من الجيل العاشر "إكس"، و9% من جيل طفرة المواليد.
لقد وجدنا أن المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة تأتي في طليعة أولويات المستهلكين المراعين للبيئة الذين يدعمون المنتجات المحلية، ويدركون الآثار البيئية التي تخلّفها عمليات التصنيع، ويقدّرون سمعة العلامات التجارية التي تسعى إلى تحقيق الأهداف المناخية. وفي هذا السياق، يعتبر 68% من المستهلكين الإقليميين أن سمعة العلامة التجارية لتحقيق الأهداف المناخية تكتسي أهمية كبيرة، مقارنةً بنسبة 52% عالمياً. هذا وقد أبدى عدد مماثل دعمه للمنتجين المحليين. بالإضافة إلى ذلك، يرى 67% من المستهلكين أن الأثر البيئي لتصنيع المنتجات يكتسي أهمية كبيرة، في حين يعتبر 68% من المستهلكين أن الأثر البيئي الناجم عن تغليف المنتجات مهم أيضاً.
تسلّط هذه البيانات الضوء على توجّه واضح في منطقة الشرق الأوسط، حيث إن المستهلكين يعربون عن قلقهم العميق حيال التغيّر المناخي، ويعمدون إلى تكييف سلوكياتهم الشرائية وفقاً لذلك. ويشير ارتفاع نسبة المستهلكين الإقليميين الذين يمنحون الأولوية للمخاوف المتعلقة بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة إلى التزام المنطقة الراسخ بتحقيق الاستدامة.
سعياً لتخفيض الآثار المترتبة على التغيّر المناخي:
53% من المستهلكين الإقليميين سيقدمون على شراء المزيد من المنتجات المستدامة، مقارنةً بنسبة 46% عالمياً.
34% من المستهلكين سيستخدمون موارد الطاقة المتجددة كمصدر للطاقة مقارنةً بنسبة 25% عالمياً.
31% من المستهلكين سيقومون بتخفيض رحلاتهم أو استخدام وسائل أخرى للسفر - حيث سيختارون الوسائل ذات البصمة الكربونية الأقل، تماماً مثل نظرائهم العالميين.
29% من المستهلكين يخططون لشراء مركبة كهربائية، مقارنةً بنسبة 24% عالمياً.
خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، سينظر 45% من المستهلكين في منطقة الشرق الأوسط الى شراء مركبة كهربائية، مقارنةً بنسبة 32% عالمياً. وهذا الأمر جدير بالذكر بشكل خاص نظراً إلى أن 70% من المستهلكين في الشرق الأوسط يخططون لقيادة السيارات الخاصة بهم على مدى الأعوام الثلاثة المقبلة، وهي نسبة تتجاوز المتوسط العالمي عند 65%. ويشير ذلك إلى أنه على الرغم من الرغبة العامة في قيادة السيارات، ثمة توجّه إقليمي كبير نحو وسائل النقل المستدامة، في وقت يبدي فيه عدد كبير من المستهلكين انفتاحاً على الخيارات المراعية للبيئة.
توضح البيانات الواردة في استطلاعنا أن المستهلكين من جيل الألفية أبدوا استعدادهم لامتلاك مركبة كهربائية خلال الأعوام الثلاثة المقبلة (46%) على الرغم من أن المستهلكين من جيل طفرة المواليد كانوا أقل انفتاحاً على هذه الفكرة. ويشير ذلك إلى تحوّل أنماط التنقل بين الأجيال، حيث إن المستهلكين الأصغر سناً قد يبدون تفضيلهم لوسائل النقل الأكثر استدامة. ففي الواقع، أظهرت النتائج التي توصّل إليها استطلاعنا أن المستهلكين الإقليميين يفضلون فعلاً وسائل النقل البديلة، حيث أفاد حوالى 75% منهم أنهم مستعدون لاستخدام الطائرات من دون طيار لتوصيل المنتجات والنقل العام في المنطقة، في حال تم تحسين البنية التحتية، وأبدى 6 مستهلكين من أصل 10 دعمهم لمراكز المدن الخالية من السيارات واستعدادهم لدفع ضريبة الازدحام للتخفيف من حركة المرور.
82% من المستهلكين يبدون استعدادهم لاستخدام وسائل النقل العام في حال تم تحسين البنية التحتية
74% من المستهلكين يثقون باستخدام الطائرات من دون طيار لتسليم الطرود
69% من المستهلكين يدعمون خيار مراكز المدن الخالية من السيارات
63% من المستهلكين يبدون استعدادهم لتسديد ضريبة الازدحام
هذا وتعمل الحكومات في المنطقة بشكل فاعل على تعزيز استدامة المدن من خلال استخدام نظم للمواصلات تعتمد على المركبات من دون سائق. يُذكر أنه من الممكن أن تساهم هذه المركبات بشكل كبير في تحقيق أهداف أجندة الاستدامة من خلال رفع عدد الرحلات المشتركة، والحدّ من الحاجة إلى مواقف السيارات، واستحداث مساحات للبنى التحتية المواتية للناس مثل الحدائق وممرات الدراجات.
كشف استطلاعنا عن شعور المستهلكين بثقة كبيرة حيال استخدام المركبات من دون سائق لمزاولة مختلف الأنشطة، على الرغم من تراجع الثقة إلى أدنى مستوياتها في ما يتعلق بالتنقل خارج منطقتهم المحلية. وبشكل خاص، يشعر 37% من المستهلكين الإقليميين بثقة كبيرة حيال استخدام المركبات من دون سائق للتنقلات اليومية، مقارنةً بنسبة 27% عالمياً. إلى ذلك، سيستخدم 40% من المستهلكين المركبات من دون سائق إلى حدّ كبير لتوصيل السلع، مقارنةً بنسبة 26% عالمياً، في حين سيستخدم 36% منهم هذه المركبات للتنقل لغرض العمل أو الترفيه ضمن منطقتهم المحلية، مقارنةً بنسبة 24%.
تشير هذه البيانات إلى مستوى عالٍ من القبول والجاهزية لاعتماد المركبات من دون سائق في المنطقة بالمقارنة مع المتوسط العالمي، وإلى أن المستهلكين الإقليميين يدركون المنافع المحتملة لهذه المركبات من حيث تحسين الحياة اليومية ودعم جهود الاستدامة. وفي وقت تواصل فيه الحكومات تطبيق هذه النظم، من شأن ازدياد الثقة والقبول في أوساط المستهلكين أن يعزز نجاح دمج هذه المركبات ضمن نظم النقل الحضري، وبالتالي المضي قدمًا في تحقيق أهداف أجندة الاستدامة.
سيعمد المستهلكون الإقليميون الملتزمون بأهداف الاستدامة إلى حدّ كبير إلى اختيار العلامات التجارية ذات البصمة الكربونية الأقل، حسبما أظهرت نتائج الاستطلاع. وحلّت هذه الممارسة في المرتبة الأولى، وفقًا لـ8% من المستهلكين. بالإضافة إلى ذلك، أفاد أكثر من 30% من المستهلكين أنهم يتأثرون بشكل كبير بالعلامات التجارية التي تساهم إيجاباً في الحفاظ على الطبيعة، وتدعم مبادرات مثل التغليف المراعي للبيئة، وتسعى إلى الحدّ من النفايات وتعيد تدويرها - وهي كلها عوامل تؤثر في البيئة بشكل مباشر وملحوظ.
كما يبدي المستهلكون في الشرق الأوسط استعداداً لدفع مبالغ تتجاوز متوسط الأسعار بنسبة تتراوح بين 11 و20% للمنتجات التي
تكون مخصصة أو معدّة حسب الطلب (24%)
يتم إنتاجها محلياً (22%)
ينطوي إنتاجها على بصمة كربونية منخفضة (21%)
سعياً لتقليص الآثار المترتبة على التغيّر المناخي، يعمد أكثر من نصف المستهلكين بقليل إلى تغيير عاداتهم الشرائية من خلال شراء منتجات أكثر استدامة. علاوةً على ذلك، يولي 41% من المستهلكين المزيد من الاهتمام لاستهلاكهم بشكل عام، ويدعمون السياسات الخضراء والمرشحين المراعين للبيئة.
يجري المستهلكون من الجيل "زد" تغييرات ملحوظة بشكل خاص: يقوم 29% من هؤلاء المستهلكين بتخفيض مشترياتهم عبر الإنترنت، فيما يبحث 19% منهم في إنجاب عدد أقل من الأطفال أو عدم الإنجاب على الإطلاق للتخفيف من الآثار البيئية ذات الصلة.
تسلّط هذه المعطيات الضوء على الالتزام الكبير بالاستدامة في صفوف المستهلكين في الشرق الأوسط، واستعدادهم لتعديل إنفاقهم وأسلوب حياتهم دعماً لتحقيق الأهداف البيئية.
يعرب المستهلكون في منطقة الشرق الأوسط عن قلق عميق حيال التضخّم، والتغيّر المناخي، والتقلبات الاقتصادية، ما يعكس تغييراً ملحوظاً في أولوياتهم وسلوكياتهم. ويُعتبر التضخّم والتغيّر المناخي من المخاطر البارزة التي تحوّل إنفاق المستهلكين نحو المواد الأساسية وتساهم في ازدياد التركيز على الاستدامة. وعلى الرغم من التوترات الجغرافية السياسية التي تعصف بالمنطقة، يرى المستهلكون أنها ليست تهديدات مباشرة مقارنةً بالعوامل الاقتصادية.
يتبنى المستهلكون الممارسات المستدامة على نحو متزايد، وسط تفضيلهم الكبير للمنتجات ذات البصمة الكربونية المنخفضة واستعدادهم لدفع مبالغ أعلى للحصول على سلع مخصصة أو محلية. أما بالنسبة إلى تنامي الاهتمام بالمركبات الكهربائية والنقل العام، والثقة الكبيرة بالمركبات من دون سائق، فيسلّطان الضوء على التزام المنطقة بالبدائل الأكثر مراعاة للبيئة.
نحن نشهد اليوم توجّهاً واضحاً نحو الخيارات المراعية للبيئة على صعيد المشتريات وأسلوب الحياة في صفوف المستهلكين في الشرق الأوسط، ويُعزى ذلك إلى الضغوط الاقتصادية والالتزام الكبير بتحقيق أهداف الاستدامة. وفيما تسعى الحكومات والشركات إلى التكيّف مع تفضيلات المستهلكين المتغيّرة، ستكون المواءمة مع هذه القيم ضرورية للنجاح في المستقبل.
Norma Taki
Roy Hintze
Imad Matar
Maye Ayoub
Razan Sawalha
Consumer Markets Marketing Manager
Email: razan.sawalha@pwc.com
Esha Nag
Lead Editor and Writer - Thought leadership, insights and reports
Email: esha.nag@pwc.com
Bana Al-Majali
Consumer Markets Marketing Associate
Email: bana.aljbour.almajali@pwc.com