أثبتت التقنيات الحديثة بمرور الوقت قُدراتها المُذهلة عبر مجالاتٍ مُتعدّدة من الأنشطة، إذ سارعت العديد من القطاعات على الصعيد العالمي إلى دمج التقنيات الحديثة ضمن أعمالها في سبيل تعزيز النمو والتطور بشكلٍ ملموس. لقد ثبت، ضمن الأُطر التعليمية، أن الدمج المدروس لهذه التقنيات يُسهمُ بتحسين تجربة المُتعلّمين بشكلٍ هائل.[1]
ونرى في حاضرنا المُتّجه بتسارعٍ نحو الرقمنة أنّ الدول في منطقة الشرق الأوسط، ومن بينها دول مجلس التعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، والكويت، وعمان، والبحرين)، تستطيع الاستفادة بشكلٍ كبيرٍ من هذا التقدم لتحويل المنظومة التعليميّة الخاصة بها. ومع ذلك، لا يُمكن النظر إلى هذه الفوائد بمعزلٍ عن المخاطر والتحدّيات التي تتطلب دراسةً مُتأنّية.
بدأت دول مجلس التعاون الخليجي بإجراء دمجٍ تدريجي للتقنيات الرقمية ضمن نطاق التعليم. ومع ذلك، يعتمد التحوّل الرقميّ على المدى الطويل على منظومة مُحكَمة يتعاون فيها الأطراف المعنيّون على تعزيز جودة التعليم بواسطة التقنيات الحديثة. إن السبيل نحو تحقيق هذا الهدف الطموح محفوفٌ بعدّة تحدياتٍ من شأنها إعاقة عملية التكامل الرقمي ضمن نطاق التعليم في الشرق الأوسط:
بُنية تحتية غير مُلائمة
محدوديّة الوصول للتقنيات
غياب الثقافة الرقميّة
محدوديّة التدريب في المجال الرقميّ للمُعلّمين
غياب توطين المحتوى
عدم كفاية التمويل والاستثمار
وبهدف التعامل مع هذه التحدّيات وتبسيط عمليّتي تخطيط وتنفيذ استراتيجية التعليم المدعومة بالتقنيات الحديثة، صمّمنا، ضمن فريق التعليم والمهارات في شركة بي دبليو سي في الشرق الأوسط، "إطار التعليم الرقمي في بي دبليو سي"؛ وهو إطار عملٍ منهجيّ بُنِيَ باستخدام خمسة أركان رئيسية، يُمثل كلٌّ منها مجالًا رئيسيًا جوهريًا لتحقيق التحوّل المُستدام للتعليم الرقمي في المنطقة.
يُساعدنا هذا الإطار على تقديم خمس توصياتٍ رئيسيةٍ للمسؤولين عن وضع السياسات والأطراف المعنيين الآخرين لبناء نهجٍ شاملٍ لهذا التحوّل؛ الأمر الذي سيُتاح من خلال التشاركيّة المُستمرّة مع الأركان المُترابطة، بما يُركّز على التمكين الاستراتيجي، وتحديد الاحتياجات المُسبقة، وتقديم التعليم، وعوامل التمكين التشغيليّة، والمُخرجات التعليمية. يُمكن للمؤسسات التعليميّة وصُنّاع القرارات، من خلال استخدام هذا الإطار، استغلال القوّة التحولية للتقنيات الحديثة وإنشاء منظومةٍ تعليميةٍ لا تكتفي فقط بمُعالجة الاحتياجات الحالية، بل تُشكّل أيضًا مُستقبل التعلّم والتطوّر في دول مجلس التعاون الخليجي.