تشكل الأصول غير المالية غالبية الثروة العامة في معظم الدول، ولا تعد المملكة العربية السعودية استثناءً. فمنذ الإعلان عن رؤية 2030، شهدت المملكة مشاريعاً بقيمة 1.3 تريليون دولار أمريكي عبر قطاعي العقارات والبنية التحتية، مع ترسية عقود بقيمة إجمالية بلغت 164 مليار دولار أميركي. وتلعب هذه الاستثمارات دوراً محورياً في تحقيق الأهداف الطموحة لرؤية 2030، ومنها على سبيل المثال:
● زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية إلى تريليون ريال سعودي.
● رفع قيمة أصول صندوق الاستثمارات العامة إلى ما يزيد على 7 ترليون ريال سعودي.
● تصنيف ثلاث مدن سعودية بين أفضل 100 مدينة في العالم.
● تَقدُم ترتيب المملكة في مؤشر أداء الخدمات اللوجستية إلى المرتبة 25 عالمياً.
● تعزيز قدرات المملكة في قطاعي الخدمات اللوجستية والنقل الجوي لجذب 100 مليون زائر سنوياً.
● تغطية 99.5% من مراكز السكان (بما في ذلك القرى والضواحي) بالخدمات الصحية.
ومع تنفيذ مشاريع التحول المذكورة على أرض الواقع، تتجلى الأهمية البالغة للإدارة الفعّالة لهذه الأصول في الاستفادة من قيمتها الكاملة، وهنا يأتي الدور المحوري لإدارة المرافق. فمن خلال تحقيق التكامل بين الأشخاص والأماكن والعمليات في البيئة المبنية، تسهم إدارة المرافق في ضمان الكفاءة التشغيلية وجودة الخدمة واستدامة هذه الاستثمارات، مما يعزز التنمية الحضرية المستدامة في المملكة.
وعندما ننظر إلى إدارة المرافق بوصفها وحدة إدارية تنظيمية، نرى أنها تعمل على تعزيز التكامل بين الأشخاص والأماكن والعمليات في البيئة المبنية من أجل تحسين جودة الحياة وإنتاجية الأعمال الأساسية، فضلاً عن مساهمتها في تعزيز الكفاءة التشغيلية وجودة الخدمة وزيادة العمر الإنتاجي للأصول، ما يضمن خلق قيمة مستدامة على الأمد الطويل من استثمارات المملكة واسعة النطاق في قطاع البنية التحتية.
ومن هذا المنطلق، استضافت الجمعية السعودية لإدارة المرافق المؤتمر والمعرض الدولي لإدارة المرافق في الرياض خلال الفترة من 8 إلى 10 سبتمبر 2024. وشارك في هذه الفعالية التي تُعد الأولى من نوعها نخبة من المؤسسات والخبراء والأكاديميين وصناع القرار من مختلف القطاعات لتبادل الرؤى وأفضل الممارسات العالمية في مجال إدارة المرافق. واستعرض المشاركون أحدث التطورات التي يشهدها القطاع، مع التركيز على التحول الرقمي والاستراتيجيات الرقمية لتعزيز الاستدامة ورفع معدلات الكفاءة والارتقاء بمستوى الأداء.
يشهد قطاع إدارة المرافق في المملكة نموًا متسارعًا بفضل انسجام الاتجاهات العالمية والعوامل المحلية، بما في ذلك التحضر السريع، واستضافة الأحداث الكبرى، والجهود المبذولة لتنويع مصادر الدخل، خاصةً من خلال السياحة والتصنيع.
ويمر المشهد التنافسي في المملكة بتطورات مستمرة، متحولاً من نماذج مقدمي الخدمات التشغيلية إلى عمليات الدمج والمشاريع المشتركة الاستراتيجية. ويتجلى هذا التوجه بصورة خاصة في زيادة نظر الشركات الدولية في دخول سوق إدارة المرافق في المملكة. ومن ناحية أخرى، يسهم تحول القطاع في خلق فرص لشركات التكنولوجيا والاستشارات لاستحداث عروض مصممة خصيصاً لقطاع إدارة المرافق.
وهناك أوجه ترابط بين عوامل النمو، مثل أهداف الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية ومبادرات خفض التكاليف، وتعتمد هذه العوامل بشكل كبير على التكنولوجيا المتقدمة. ونتيجة لذلك، هناك طلب متزايد على الحلول المبتكرة، مثل إنترنت الأشياء والتحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي والأتمتة، التي تسهم في تعزيز الكفاءة التشغيلية والاستدامة. وإضافة إلى ذلك، شهد السوق تزايد الحاجة إلى خبراء مختصون كممثلين للعملاء في إدارة مقدمي خدمات إدارة المرافق، خاصة وأن المستخدمين النهائيين يعملون على بناء قدراتهم الداخلية في هذا الصدد.
وتلعب الممارسات الفعّالة لإدارة المرافق دوراً محورياً في الارتقاء بتجارب المستخدمين النهائيين، وتحسين أداء الطاقة، وضمان كفاءة الموارد. ولا تساعد هذه التحسينات في جذب المستأجرين والاحتفاظ بهم فحسب، بل تسهم أيضاً في زيادة إيرادات الإيجار وتعزيز عمليات تقييم الممتلكات، ما يؤكد القيمة التي تتمتع بها خدمات إدارة المرافق عالية الجودة في قطاع العقارات بالمملكة الذي يمر بمعدلات سريعة من التطور.
ينبغي على صناع السياسات والقرارات والخبراء المتخصصين في قطاع إدارة المرافق بالمملكة العربية السعودية التركيز على عدة مجالات رئيسية للإحاطة بكامل إمكانات القطاع:
الارتقاء بمستوى التنسيق المشترك: تعزيز التعاون بين الجهات التنظيمية والحكومية للتعامل بفاعلية مع التحديات التي تواجه القطاع.
توحيد اللوائح: وضع لوائح شاملة على مستوى القطاع لضمان جودة متسقة ومراعاة الشفافية وتطبيق المساءلة. وتشمل الأولويات الرئيسية إدارة اتحادات الملاك بهدف تعزيز الإدارة المستدامة والفعّالة للمجمعات والبروتوكولات الواضحة لرسوم الخدمة.
التوجيه الاستراتيجي: وضع الأطر وتحديد أفضل الممارسات التي تضمن توافق إدارة المرافق مع رؤية المملكة 2030، مما يوفر للمؤسسات خارطة طريق لاستراتيجيات مستدامة قائمة على القيمة.
تحسين المعايير: تحسين مدونات الممارسات من أجل دعم الاستدامة والكفاءة التشغيلية في إدارة المرافق.
إرشادات شاملة: إصدار إرشادات حول مؤشرات الأداء الرئيسية، واتفاقيات مستوى الخدمة، ومبادئ إعداد الميزانيات، وتقييمات التكنولوجيا لدعم الكفاءة واتخاذ قرارات مدروسة.
تطوير الأصول المستدامة: دمج استراتيجيات إدارة الأصول والمرافق بداية من مرحلة وضع المخططات الرئيسية من أجل تحقيق أهداف التشغيل والاستدامة طويلة الأجل على النحو الأمثل.
تصنيف المتعهدين: تطبيق نظام تصنيف لمتعهدي إدارة المرافق لضمان وجود مقدمي خدمات مؤهلين وتقليل المخاطر المتعلقة بالخدمة.
تحقيق الاستخدام الأمثل للموارد: التحول نحو نموذج العمالة الماهرة المدعومة بالأدوات الرقمية المتقدمة، من أجل زيادة الكفاءة رغم ارتفاع تكاليف القوى العاملة.
التطوير المهني: استحداث برنامج للتدريب والتطوير والاعتماد للارتقاء بمستوى المهنية في المجال وتوسيع فرص العمل المحلية.
المشاركة المجتمعية: إنشاء مجتمعات للممارسة وتنظيم فعاليات لإدارة المرافق على مستوى البلاد لتشجيع تبادل المعرفة والإبداع والابتكار في مختلف مجالات القطاع.
تمييز القطاع: تنظيم جوائز سنوية للاحتفال بالإنجازات التنظيمية والفردية في مجال الابتكار والتميز التشغيلي.
وهذه المبادرات من شأنها توفير إطار محكم للاستفادة من الإمكانات الكاملة لقطاع إدارة المرافق في المملكة العربية السعودية.
Neels Nel
Mohamed Salah
Raad Nassar
Mo Barghash
Yazan Tuqan