ازالة العقبات

واقع الاستدامة في الشرق الأوسط في العام 2024

corporate-sustainability-2024
  • Insight
  • تموز 01, 2024
يشكّل هذا العام حتى هذه اللحظة، محطة حافلة بالإنجازات على مستوى الاستدامة في الشرق الأوسط. وقد تجلّى ذلك من خلال المقاربات الفعالة التي انتهجتها الشركات لإزالة العقبات في سبيل تحقيق أجندات الاستدامة الخاصة بها. ونلاحظ أن شركات عدة وضعت الاستدامة بكامل أركانها في صلب استراتيجياتها وعملياتها سعيًا إلى ترجمة هذا الزخم من طموح إلى واقع. وعليه، أصبح الافتقار إلى التمويل، الذي كان يومًا إحدى أكبر العقبات في هذا السياق، في طور التداعي. إلا أن ذلك لا ينفي الحاجة إلى جهود سريعة من القطاع الخاص والجهات الحكومية معاً من أجل الحفاظ على هذا الزخم.

Playback of this video is not currently available

1:59

sustainability-in-the-middle-east-2024 ar intro

ــــ

ضعفان ونصف

من الشركات تخطط للحصول على القروض والسندات الخضراء (بالمقارنة مع نسبة 20% في العام 2023)

ــــ

شركة واحدة من ثلاث

تفيد بأن التحدي الأكبر الذي يعترضها هو تدني المهارات والخبرات الداخلية في مجال الاستدامة

ــــ

شركة واحدة من اثنتين

تضم حاليًا مسؤولاً تنفيذيًا لشؤون الاستدامة أو تخطط لاستحداث المنصب خلال الأشهر الإثني عشر المقبلة

ــــ

>50%

طبقت استراتيجية الاستدامة بالكامل

ــــ

8 شركات من أصل عشرة

وثقت استراتيجية رسمية للاستدامة (بالمقارنة مع نسبة 64% في العام 2023)

اطّلع على المحاور

مقدّمة

في عامٍ سجّل تقدمًا ملحوظًا على مستوى مبادرات المناخ في منطقتنا، بما في ذلك الإجراءات المناخية الرائدة التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر الأطراف 28، شهدنا التزامًا لم يسبق له نظير على مستوى الشركات والحكومات لمعالجة أزمة المناخ الملحّة، واعتماد مبادئ الاقتصاد الدائري، والاستفادة من الميزة التنافسية للمنطقة في مجال الطاقة المتجددة.

يشير الاستطلاع الذي أجريناه بعنوان "واقع الاستدامة في الشرق الأوسط في العام 2024: تذليل العقبات"، إلى تصدّر أجندة الاستدامة والممارسات ذات الصلة الواجهة. وتكشف البيانات عن نقلة نوعية لقادة الشركات نحو تضمين مبادئ الاستدامة في استراتيجيات أعمالهم الأساسية وإجراء تغييرات هيكلية جذرية. والجدير بالذكر أن عددًا متزايدًا من الشركات عيّنت بالفعل رئيسًا تنفيذيًا لشؤون الاستدامة أو مسؤولاً تنفيذيًا تقع على عاتقه مسؤولية قيادة أجندة الاستدامة وتعزيز المبادرات ذات الصلة.

في مجال التمويل، لاحظنا تحوّلاً واضحًا تمثّل بميل عدد متزايد من الشركات للاستفادة من القروض والسندات الخضراء لتمويل مساعيها نحو الاستدامة. وعلى الرغم من هذا التقدّم، تبقى الحاجة إلى العمالة الماهرة التي تتمتع بالمواهب اللازمة لقيادة هذه المساعي عبئًا ثقيلاً على عاتق الشركات. إذ يبرز تزويد الموظفين بالكفاءات اللازمة لتنفيذ استراتيجيات الاستدامة كأحد أصعب التحديات التي تواجه القادة في المشهد الحالي.

وبهدف المضي قدمًا، من الضروري أن تمنح الجهات الحكومية والقطاع الخاص الأولوية للاستثمارات المسؤولة والأساليب المبتكرة للاستفادة من التقنيات، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي. كذلك، لا بد من إقناع قادة الشركات بالفوائد المزدوجة المترتبة على مبادرات الاستدامة، ليس من ناحية تحقيق عائد على الاستثمار فحسب، بل من حيث تسريع الأرباح. وتؤكد البيانات أن إيلاء الأهمية للاستدامة غالبًا ما يعود بأرباح أعلى على الشركات التي تعمد في هذه الحالة إلى استقطاب فئة جديدة من المستهلكين المهتمين على نحو متزايد بالعلامات التجارية المسؤولة بيئيًا. كما أن الشركات التي تعالج المخاطر المرتبطة بالمناخ بشكل استباقي وتعزز عملياتها وسلاسل التوريد الخاصة بها في مواجهة التحديات المستقبلية، من المرجح أن تحقق أداءً أفضل على المدى البعيد.

تشكّل الاستدامة رحلة نحو تحقيق تغيير إيجابي ودائم. لذلك، فإنها تستدعي تدخلات سريعة لتنمية الكفاءات المطلوبة، وركائز تشريعية، وبنية تحتية صلبة لتعزيز التقدم المستمر.

الدكتور يحيى عنوتي

شريك، استراتيجي &

قائد قسم الاستدامة في بي دبليو سي الشرق الأوسط

الاستدامة تحتل مكانة رئيسية في استراتيجيات الشركات

سلّطت الدعوات الملحّة لتسريع الإجراءات المناخية الموحدة في مؤتمر الأطراف 28، الضوء على أزمة تغير المناخ باعتبارها تحديًا أساسيًا لكل من الشركات والمجتمعات على حد سواء. وقد حفزت هذه اللفتة الشركات على إرساء طموحات جديدة واعدة للتخفيف من التأثيرات المترتبة عن هذه الأزمة. وفي هذا الصدد، تظهر الاستنتاجات الرئيسية التي توصلنا إليها في استطلاعنا الأخير حول الاستدامة أن الشركات في المنطقة تولي أهمية بالغة للاستدامة من خلال جعلها نقطة محورية في أجندتها الاستراتيجية. ويمكن القول إن هذه الشركات ليست بعيدة عن إحراز تقدم ملموس في مسار الحد من انبعاثات الكربون إذا ما حسّنت عمليات مراقبة الاستدامة وإعداد التقارير ذات الصلة مقارنة بالعام الماضي، ورسخت التزاماتها الجدية نحو مستقبل خال من انبعاثات الكربون.

وفي استطلاعنا، أفاد أربعة من كل خمسة رؤساء تنفيذيين بأن شركاتهم تعتمد حاليًا استراتيجية رسمية للاستدامة، وأوضح أكثر من نصفهم أن هذه الاستراتيجية أصبحت مطبقة بالكامل في مؤسساتهم (الشكل 1). ويشير ذلك إلى تحول إيجابي، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار دعم القادة المحدود للاستدامة سابقًا ومشاركة مجالس الإدارة والرؤساء التنفيذيين بالحد الأدنى في جهود الاستدامة في ما مضى. ومن اللافت أيضًا أن نسبة المشاركين الذين أعربوا عن غياب دعم القيادة قد انخفضت إلى النصف تقريبًا لتبلغ حاليًا 16% فقط.

ويؤكد استطلاعنا الحالي الاستنتاجات التي توصلنا إليها في الاستطلاع السابع والعشرين لانطباعات الرؤساء التنفيذيين: نتائج منطقة الشرق الأوسط، إذ أعرب القادة الإقليميون هذا العام عن عزم متجدد على معالجة أزمة المناخ، كما شدّدوا على أهمية اضطلاع شركات المنطقة بدور فاعل للمضي قدمًا والعمل على تحقيق الأهداف المناخية الطموحة للمنطقة. واعتبر عدد أكبر من المشاركين في المنطقة أن التغيّر المناخي يشكّل مصدر قلق رئيسي مقارنةً بالمعدل العالمي (15% مقابل 12% على المستوى العالمي). هذا وقد تخطت نسبة الرؤساء التنفيذيين الذين رجّحوا أن يشكّل التغيّر المناخي محركًا رئيسيًا للتغيير على المستوى المؤسسي خلال الأعوام الثلاثة المقبلة المعدل العالمي (36% مقابل 30%).

الشكل 1: لقد أصبحت الاستدامة أولوية استراتيجية بالنسبة إلى الشركات في الشرق الأوسط

سؤال: أي من الحالات التالية تصف بدقة استراتيجية الاستدامة/الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في مؤسستك؟

ومن الواضح أن الالتزام المتزايد لقادة الشركات الإقليمية بالاستدامة يرتبط مع تصاعد وتيرة تطوير استراتيجيات الاستدامة وتنفيذها.

ومن المؤشرات الأخرى على الزخم المتزايد للاستدامة على مستوى الشركات في الشرق الأوسط، الاعتماد الواسع لأهداف إزالة غازات الاحتباس الحراري التي تؤدي دورًا محوريًا في التخفيف من حدّة التأثيرات السلبية لتغير المناخ. كذلك، تُظهر نتائج الاستطلاع ارتفاعًا ملحوظًا في نسبة الشركات التي تعهدت بتحقيق صفر انبعاثات كربون في المنطقة، بما يشمل نصف جميع المشاركين في الاستطلاع. كما أن %26 من المشاركين يسعون إلى التعهد بمثل هذه الالتزامات قريبًا (الشكل 2).

وفي حين أن هذه البيانات قد لا تمثل المنطقة بأكملها، إلا أن هذا التوجه نحو الاستدامة واضح. والدليل على ذلك يكمن في القائمة التي لا تنفك تطول بالشركات التي تعلن عن التزامات صفر انبعاثات كربون عبر القطاعات كافة في الشرق الأوسط، بما يشمل شركات الطيران مثل الاتحاد للطيران، وشركات النفط والغاز بما في ذلك أرامكو وأدنوك، وغيرها من شركات الطاقة والمرافق مثل أكوا باور وشركة الاتصالات السعودية في المملكة العربية، ومجموعات الخدمات اللوجستية مثل شركة أجيليتي في دولة الكويت، والشركات الاستهلاكية مثل ماجد الفطيم، التي تعمل في سائر أنحاء الشرق الأوسط، وأفريقيا، وآسيا.

"لم يكن مؤتمر الأطراف مجرد فعالية و حسب ، فلقد ترك أثرًا دائمًا على مشهد الاستدامة العالمية. حيث كان بمثابة حافز للتغيير، لتعزيز التفكير المستدام، وترسيخ الوعي."

بلسم نعمة،مديرة شؤون الاستدامة في دار الهندسة
الشكل 2: التزم نصف المشاركين في الاستطلاع بتحقيق صفر انبعاثات كربون

سؤال: هل التزمت شركتك بتحقيق صفر انبعاثات كربون؟

نطاق الاستطلاع: جميع المشاركين (2024 - 58)، (2023 - 56)، (2022 - 67)

الاستدامة قضية تشغل المستوى التنفيذي في الشركات

تعتمد الشركات في المنطقة إلى إعادة هيكلة استراتيجياتها لتتمحور حول الاستدامة من خلال مبادرات تقليل انبعاثات الكربون، وتعزيز شفافية تقارير الاستدامة، والتكيف مع المخاطر المرتبطة بالمناخ. ويعكس هذا التحول تغييرًا واضحًا في الاتجاه العام، لا سيما إذا أخذنا في الحسبان التعديلات التشغيلية الملحوظة التي تطبقها الشركات لجعل الاستدامة جزءًا لا يتجزأ من هياكلها التنظيمية.

في حين أن إعداد تقارير الاستدامة ما زالت خطوة اختيارية إلى حدٍ كبير بالنسبة إلى الشركات العامة في منطقة الشرق الأوسط، على عكس المتطلبات الإلزامية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلا أن عدد متزايدًا من الشركات الإقليمية تقوم بنشر تقارير الاستدامة حاليًا. والجدير بالذكر أن 66% من المشاركين في الاستطلاع ممن ينشرون تقارير الاستدامة يلتزمون بإطار المبادرة العالمية لإعداد التقارير.

الشكل 3: تولي الشركات في الشرق الأوسط أهمية أكبر لمنصب المسؤول التنفيذي لشؤون الاستدامة
سؤال: هل تضم مؤسستك مسؤولًا تنفيذيًا لشؤون الاستدامة؟

وعليه، ليس مستغربًا أن الأوصاف الوظيفية لمثل هذه الأدوار باتت على أكبر قدرٍ من التفصيل والأهمية، بالنظر إلى أن المهمة الأساسية المطلوبة من صاحب الدور هي تضمين الاستدامة في صميم عمليات الشركة.

ولدى سؤالهم عن المهام التي تقع على عاتق هذه الأدوار القيادية الجديدة، أجاب 90% من المشاركين في الاستطلاع، أنها تشمل وضع استراتيجية الاستدامة وسياساتها، والإشراف على إعداد التقارير ذات الصلة. وفي نسخة هذا العام من الاستطلاع، قدمنا في السؤال حول المهام المكلفة لهذه الأدوار عشرة خيارات للإجابة تشمل الأنشطة المتعلقة بالاستدامة، بدءًا من إدارة أصحاب المصلحة وصولاً إلى التواصل والتسويق (الشكل 4). وقد أجاب ما يقارب 80% من المشاركين بأن دورهم يغطي سبعة أو أكثر من الأنشطة العشرة المذكورة، في حين كان نحو 20% مسؤولين عن الأنشطة كافة.

وفيما تشكل انبعاثات الكربون الصادرة عن الشركة أحد أهم العناصر التي تنطوي عليها تقارير الاستدامة، تعمد بعض الشركات إلى تتبّع مقاييس تتجاوز ذلك، لتتناول التأثير في التنوع البيولوجي بهدف توسيع إحاطتها بتأثيرها على المناخ ككل، كما هو الحال في قطر، حيث تركز الشركات في تقاريرها على المياه باعتبارها موردًا بالغ الأهمية.

الشكل 4: إن وضع استراتيجية الاستدامة والإشراف على إعداد التقارير ذات الصلة من المهام الرئيسية في الشركات
سؤال: أي من الأنشطة التالية تقع على عاتق الفرد المسؤول عن قيادة وتحقيق أهداف ومبادرات الاستدامة/الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في مؤسستك؟
sustainability-24-chart

كما أكد الاستطلاع على الأهمية المتزايدة لإعداد تقارير الاستدامة، لا سيما مع كثرة مطالب الجهات الرقابية والمستثمرين إقليميًا وعالميًا بتعزيز الشفافية. وقد ترددت هذه الأصداء في الاستطلاع العالمي لآراء المستثمرين للعام 2023 الذي أجريناه، حيث لاحظنا شكوكًا واسعة على مستوى المستثمرين حيال تقارير الاستدامة في منطقة الشرق الأوسط، إذ يرى 95% من المستثمرين أو أصحاب الحصص في الشركات في المنطقة أن التقارير التي تعدها هذه الشركات حول أداء الاستدامة تنطوي على مستوى معين من المزاعم غير المدعومة.

في حين أن إعداد تقارير الاستدامة ما زال خطوة اختيارية إلى حدٍ كبير بالنسبة إلى الشركات العامة في منطقة الشرق الأوسط، على عكس المتطلبات الإلزامية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، إلا أن عدد متزايدًا من الشركات الإقليمية تعمد إلى نشر تقارير الاستدامة حاليًا. والجدير بالذكر أن 66% من المشاركين في الاستطلاع ممن ينشرون تقارير الاستدامة يلتزمون بإطار المبادرة العالمية لإعداد التقارير.

في العام 2022، أظهر الاستطلاع الخاص بالمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية في الشرق الأوسط الذي أجريناه، أن 26% فقط من المشاركين اعتبروا أن "الشفافية وإعداد التقارير" تمثل أولوية قصوى وبالتوازي، توقع أكثر من 75% منهم أن تصبح المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية ومتطلبات إعداد التقارير أكثر تشددًا.

أما في العام 2024، فقد أفاد ما يزيد عن 40% من المشاركين بأن شركاتهم تعد تقارير كاملة حول الاستدامة، في حين أن 24% من الشركات تنشر مقاييس رئيسية حول الاستدامة أو المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة (الشكل 5). وتشير هذه الأرقام إلى أن المؤسسات باتت تدرك أهمية تعزيز الشفافية وترسيخ الثقة، فضلاً عن تحسين الأداء وتقديم القيمة للشعوب والكوكب ككل.

في المقابل، ما زالت الفجوة قائمة بين التركيز الذي توليه الشركات حاليًا لإعداد التقارير وبين التطور المتوقع لمتطلبات إعداد التقارير. وتستمر بعض التحديات الرئيسية، وليس آخرها الافتقار إلى الموظفين المؤهلين واعتماد معايير مختلفة لإعداد التقارير، بالوقوف عائقًا أمام مسعى الشركات في المنطقة لتحقيق أهدافها. في الواقع، تعتمد نصف الشركات التي تنشر التقارير معيارًا أو معيارين، بينما يعتمد الربع (بنسبة 24%) ما بين ستة إلى ثمانية معايير لإعداد التقارير. ونتيجةً لذلك، قد يؤدي هذا التناقض في اعتماد المعايير إلى تعقيد عملية إعداد التقارير في المنطقة.

وفي سياقٍ متصل، أفاد الرؤساء التنفيذيون في مقابلات تم تنظيمها عقب الاستطلاع، بأن الحكومات في الشرق الأوسط قادرة على بذل المزيد من الجهود لتبسيط معايير إعداد التقارير في المنطقة.

"يظل انعدام المواءمة عائقًا يحول دون تقدّم الشركات في مجال الاستدامة في العالم. على سبيل المثال، تم إصدار أكثر من 40 خطة لإعداد التقارير عالميًا، ولن تكون الأخيرة. لذلك، تدعو الحاجة إلى اتجاه استراتيجي موحد وإطار عام يضبط الإيقاع بما يضمن تقديم القيمة المتوخاة."

شارجيل بشير، رئيس مكتب الاستدامة، بنك أبوظبي الأول
الشكل 5: يُظهر الاستطلاع الذي أجريناه أن ثلثي الشركات في الشرق الأوسط تنشر حاليًا مقاييس رئيسية أو تقارير حول الاستدامة

سؤال: أي من الخيارات التالية تصف النهج الحالي الذي تتّبعه مؤسستك في ما يتعلق بإعداد تقارير الاستدامة/الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية؟

sustainability-24-chart

استحداث قاعدة المواهب اللازمة للمستقبل

وبالحديث عن التحديات التي تواجه الشركات أثناء إعداد تقارير الاستدامة، لا يمكن تجاهل مسألة الحاجة إلى المواهب الضليعة بمختلف جوانب الاستدامة من أجل إرضاء الجهات الرقابية. ولدى سؤالهم عن الكفاءات الأساسية المطلوبة لتحقيق التقدم في هذا الصدد، اختار ما يقارب 80% من المشاركين في الاستطلاع الإلمام بالمتطلبات وأطر العمل المتعلقة بإعداد تقارير الاستدامة وأنظمتها.

وليس ذلك سوى أحد أوجه التحدي الأوسع السائد في المنطقة والمتمثل بفجوة المواهب الواضحة عبر مختلف جوانب الاستدامة. وقد أكدت بعض التقارير والاستطلاعات السابقة على ضرورة رأب هذا الصدع على مستوى المهارات الأساسية في المنطقة لضمان نجاح الشركات في تنفيذ خطط الحياد الكربوني وتحقيق صفر انبعاثات كربون. وتعقيبًا على ذلك، كشفت نتائج استطلاع بي دبليو سي حول آمال ومخاوف الموظفين في الشرق الأوسط للعام 2023 عن أهمية المهارات المتخصصة (المهارات الخضراء) في المنطقة، حيث توقع 62% من المشاركين في الاستطلاع تزايد الطلب على هذه المهارات.

كذلك، فقد سلط الاستطلاع الأخير الذي أجريناه حول الاستدامة الضوء على الفرصة الكامنة في الارتقاء بالمهارات وتوظيف مجموعة من المواهب القادرة على دفع عجلة التقدم وتنفيذ استراتيجيات الاستدامة في القطاعين العام والخاص في المنطقة. (الشكل 6).

وفي هذا الإطار، يمكن للشركات اتباع أساليب وخطوات متنوعة لاستحداث قاعدة المواهب الخاصة بها، كالتوظيف بطبيعة الحال، أو التعاقد مع الموارد، أو استقدامها من خارج البلاد. فيما يظل خيار تدريب الفرق الداخلية متاحًا أمام الشركات التي ترغب في تأمين المهارات التي ستحتاج إليها في المستقبل.

الشكل 6: إن تنفيذ سياسات الاستدامة يستدعي قاعدة واسعة من المواهب

سؤال: أي من مجالات المعرفة والخبرة التالية، إن توفرت، تُعتبر مهمة لتطوير استراتيجية الاستدامة/الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في مؤسستك وتنفيذها؟ (اختر أهم ثلاث إجابات)

sustainability-24-chart

اختار المشاركون أهم ثلاث إجابات

وعلى غرار المهارات، تشكّل التقنيات ركيزةً أساسية للاستدامة، لا سيما التقنيات التي تدعم أجندة الاستدامة. وللإحاطة بهذا الجانب في استطلاعنا، أضفنا سؤالاً عن اعتبار الشركات الذكاء الاصطناعي التوليدي أداة بإمكانها تعزيز قدرة الشركات على وضع وتنفيذ ومراقبة أهداف الاستدامة على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

عالميًا، يحظى الذكاء الاصطناعي التوليدي باستحسان واسع لدى مختلف الشركات والقطاعات باعتباره محفزًا للابتكار، سواء من خلال تعزيز الإنتاجية أو استحداث الكفاءات المتنوعة. ومع ذلك، أشارت إجابات المشاركين إلى أن الوقت ما زال مبكرًا حاليًا لالتماس الفائدة الفعلية للذكاء الاصطناعي في تعزيز الاستدامة بالنسبة إلى شركات عدة في الشرق الأوسط. في الواقع، يلجأ المشاركون إلى التقنيات بشكل أساسي لتعزيز القدرات الراهنة، مثل تحليل البيانات والمعطيات أو إعداد التقارير، إنما ليس لأغراض تشغيلية أعمق، مثل تحسين سلاسل التوريد أو إعداد نماذج الاقتصاد الدائري (الشكل 7).

قد يتغير هذا المشهد في ظل المساعي المستجدّة للارتقاء بالمهارات، وتزايد الثقة بالذكاء الاصطناعي، وانفتاح الشركات أكثر على مثل هذه التقنيات. وبالفعل، نحن نشهد في المنطقة أمثلة على مؤسسات تتبنى هذه التقنيات الناشئة ببطء، مثل شركة "كروبن" (Cropin) للتقنيات الزراعية التي أطلقت مؤخرًا نموذج "أكشارا" (Akṣara)، وهو أول نموذج لغة مصغر مفتوح المصدر مصمم خصيصًا لقطاع الزراعة الذكية مناخيًا أي الزراعة المقاومة لتغيرات المناخ. ووفقًا لما ورد في تقرير Net Zero Future 50 الصادر عن شركة بي دبليو سي الشرق الأوسط ، فإن النموذج الذي قدمته شركة "كروبن" في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي من شأنه إحداث ثورة في القطاع ستشرّع الباب أمام عصر جديد من الإنتاج الزراعي القائم على التقنيات. كما ستسمح هذه التقنيات لأصحاب المصلحة والمطورين والباحثين في القطاع بالوصول إلى المعلومات السياقية والفعلية والقابلة للتنفيذ من أجل معالجة التحديات العالمية ذات الصلة بالأمن الغذائي، وتغير المناخ، والحفاظ على الموارد (المياه والتربة)، والممارسات الزراعية المتجددة.

"غالبًا ما تتسبب النماذج التوليدية عند تطبيقها في قطاع الزراعة بتحيزات غير واعية، كما أن تغطيتها المحدودة للبيانات المتنوعة تجعلها غير مجدية أو دقيقة كما ينبغي. في المقابل، يمنح نموذج "أكشارا" المزارعين والمهندسين الزراعيين وعلماء الزراعة أهم المعلومات والأدوات اللازمة للانتقال إلى ممارسات أكثر استدامة."

برافين بانكاجاكشان، رئيس مختبرات الذكاء الاصطناعي في شركة "كروبن"

وقد انعكس هذا الحرص على تبني الذكاء الاصطناعي التوليدي في أحدث استطلاع أجريناه حول انطباعات الرؤساء التنفيذيين في الشرق الأوسط، حيث توقع ما يقارب ثلاثة أرباعهم أن الذكاء الاصطناعي التوليدي سيغير بشكل ملحوظ كيفية ابتكار شركاتهم للقيمة وتقديمها والحصول عليها على مدى السنوات الثلاث المقبلة، في حين أفاد 38% بأن شركاتهم اعتمدت بالفعل الذكاء الاصطناعي التوليدي.

"سيكون الذكاء الاصطناعي محطّ تركيز كبير بالنسبة إلينا في الفترة المقبلة لما له من دور في تحسين كفاءة المراقبة البيئية وجودة النتائج على حد سواء."

مدير في مؤسسة سعودية غير ربحية تعمل في مجال تجديد الموارد الطبيعية
الشكل 7: سيوفّر الذكاء الاصطناعي التوليدي المزيد من الفرص لدعم أجندة الاستدامة

سؤال: برأيك، إلى أي مدى باستطاعة الذكاء الاصطناعي التوليدي تعزيز قدرة مؤسستك على وضع وتنفيذ ومراقبة أهداف ومبادرات الاستدامة/الحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية في المجالات التالية خلال السنوات الثلاث المقبلة؟

sustainability-24-chart

الاستفادة من خيارات التمويل الجديدة

تعددت الإنجازات الجوهرية التي تحققت خلال العام الماضي في هذا المجال، ويُعد أبرزها إتاحة مصادر جديدة لتمويل جهود الاستدامة.

من جهتهم، يخطط المشاركون في استطلاع هذا العام للاستفادة من جملة أوسع من فرص وآليات التمويل. وفي حين أن التمويل الذاتي ما زال المصدر الأكثر شيوعًا للتمويل الأخضر بالنسبة لخُمسي المشاركين، من المرجح نشهد هذا العام خيارات أكثر تنوعًا مقارنة بالعام الماضي. فقد أعرب 34% عن رغبتهم بالاستفادة من القروض الخضراء، وبالمثل، ينظر 33% إلى الأسواق الرأسمالية (كالسندات الخضراء أو الزرقاء مثلاً) كأحد خيارات التمويل الجدية (الشكل 8).

وتؤكد هذه الأرقام النتائج التي خلُصنا إليها في أبحاثنا الأخرى والتي أشارت إلى أن قطاع التمويل الأخضر يشهد توسعًا سريعًا في الأشهر الأخيرة. وقد اتضح ذلك من خلال تضاعف السندات الخضراء والصكوك التي تم إصدارها في الشرق الأوسط لتناهز 24 مليار دولار في العام 2023، وذلك وفقًا لأحدث تقرير أعدته بي دبليو سي حول المشهد الاقتصادي في الشرق الأوسط.

الشكل 8: لقد أصبحت إمكانية الاستفادة من التمويل لتفعيل إجراءات الاستدامة أكثر سهولة من أي وقت مضى
سؤال: أي من خيارات التمويل الأخضر التالية، إن توفرت، تخطط مؤسستك للاستفادة منها خلال الأشهر الإثني عشر القادمة؟

**ملاحظة: السؤال الذي تم طرحه في نسخة العام 2023 من الاستطلاع هو التالي: أي من خيارات التمويل الأخضر التالية، إن توفرت، تستفيد منها مؤسستك حاليًا؟ نطاق الاستطلاع: جميع المشاركين (56)

ولا تقتصر تأثيرات تنويع خيارات التمويل الأخضر على دعم مجموعة واسعة من المشاريع المستدامة فحسب، بل تتعدها إلى تعزيز قدرة المنطقة على تحقيق أهدافها المناخية الطموحة، ما يظهر بالتالي نقلة استراتيجية نحو نموذج اقتصادي أكثر قدرة على الصمود. وبالنظر إلى أن المخاطر المرتبطة بندرة المياه والأمن الغذائي في المنطقة، تبرز الحاجة إلى تعزيز التمويل المستدام، وجعل عوامل المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجيات المالية، بما يسمح للمنطقة بالتكيف مع تأثيرات تغير المناخ بل والتخفيف من حدّتها.

وقد تم تسليط الضوء على هذه الحاجة الملحّة في مؤتمر الأطراف، حيث شهدنا إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة عن إنشاء صندوق "ألتيرا" بقيمة 30 مليار دولار للاستثمار بالحلول المناخية. وسيستمر التوجه المتعلق بالتمويل الأخضر بالصعود في العام 2024، لا سيما مع إصدار حكومة الشارقة دفعتها الثانية من السندات المستدامة، وكشف سلطنة عمان عن إطار التمويل المستدام، وإصدار دولة قطر أولى سنداتها الخضراء في مايو من العام الجاري. بدورها، تنظر المملكة العربية السعودية في إصدار سندات سيادية خضراء بعدما اعتمدت الإطار العام للتمويل الأخضر، مما يشير إلى نمو مستدام على مستوى القطاع في شتى أنحاء المنطقة.

القطاع الخاص ودوره في تحريك عجلة الاستدامة

يمكن للقطاع الخاص أن يلعب دورًا لا يُستهان به في توسيع نطاق التزام المنطقة بالاستدامة. وقد عبّر القادة المعنيون بهذا الشأن عن القابلية الواضحة للقطاع الخاص في الدفع نحو مزيد من التقدم على مستوى أجندة الاستدامة في المنطقة، مشيرين إلى فرصة ومسار واضحين لخلق تحول دائم. وتشمل الخيارات التي فضّلها المشاركون في الاستطلاع إقامة الشراكات والتحالفات التعاونية، وتنمية المواهب لردم هوة المهارات، والاستثمار في المشاريع المستدامة (الشكل 9).

القلق حيال العائد على الاستثمار

في حين يرى نصف القادة المعنيين بشؤون الاستدامة في المنطقة أن توفير التكاليف هو المحرك الرئيسي لتبني ممارسات الاستدامة، فإن واحدًا من كل خمسة ما زال غير واثق حيال مسألة العائد على الاستثمار. وقد انعكس هذا القلق أيضًا في استطلاع انطباعات الرؤساء التنفيذيين للعام 2024: نتائج منطقة الشرق الأوسط، إذ تمثّل التحدي الأكبر بالنسبة إلى غالبية الشركات التي تأخذ على عاتقها مساعي إزالة الكربون، في العائدات غير المناسبة على الاستثمارات المراعية للمناخ (وصف 30% من المشاركين في المنطقة هذا التحدي بأنه كبير أو كبير جدًا مقارنة بنسبة 23% على المستوى العالمي).

وعلى غرار معظم الشركات العالمية، فإن أربع فقط من كل عشرة (أو 37%) من الشركات تبدي استعدادًا لقبول معدلات عائد أقل على الاستثمارات الصديقة للبيئة.

"بالنسبة إلينا، تتمثل التحديات الرئيسية في نشر العائد على الاستثمار في التقارير الاجتماعية، وفي نقص الدعم الحكومي، وفي الشكوك بالجدوى الاقتصادية".

رئيس شؤون الاستدامة في إحدى شركات البيع بالتجزئة الكبرى في الشرق الأوسط

ومع ذلك، نلاحظ أن المستهلكين يبدون استعدادًا لإنفاق مبالغ أعلى مقابل المنتجات المستدامة. وقد انعكس ذلك في النتائج التي خلُصنا إليها في الاستطلاع العالمي لآراء المستهلكين للعام 2023، حيث أبدى 70% من المشاركين استعدادهم "إلى حد ما أو إلى حد كبير" لإنفاق مبالغ أعلى مقابل السلع المصنوعة بطريقة مستدامة. وعليه، تكمن الفرصة أمام الشركات باستغلال قوة التسعير، لا سيما وأن المستهلكين باتوا الآن يدركون الفائدة المترتبة عن مواءمة اهتماماتهم الاجتماعية مع ممارسات الشراء.

من زاوية أخرى، تجدر الإشارة إلى أن المؤسسات والعلامات التجارية لا تعتمد ممارسات الاستدامة كقوة تنافسية لتمييز نفسها في السوق فحسب، إنما أيضًا لتوفير التكاليف وتسريع الأرباح، كما هو الحال مع هيئة كهرباء ومياه دبي التي وظفت ممارسات الاستدامة لمواكبة الطلب المتزايد على خدمات المرافق الخاصة بها. وقد ساهم انتقال الهيئة إلى نمط تشغيل أكثر مراعاة للبيئة في تعزيز كفاءة شبكات المرافق ووحدات التوليد والحد من الانبعاثات بشكل ملحوظ، الأمر الذي يصب في خطتها المفصلة لتقليص البصمة الكربونية. وعلى الصعيد العالمي، استفادت شركة السلع الاستهلاكية المتعددة الجنسيات يونيليفر من ممارسات الاستدامة لتحقيق ميزة تنافسية. فقد حددت العلامة، في إطار خطتها تحت عنوان ''نمط الحياة المستدام''، أهدافًا طموحة للحد من تأثيرها البيئي بالتوازي مع تمكين النمو.

"ستكون الشركات التي تصطف مع التوجهات المتعلقة بتحول الطاقة أمام فرص كثيرة، خصوصًا وأن الأنظمة أصبحت تدعم هذه التوجهات وتقدم لها ما يلزم من حوافز أو قيود."

الدكتور جونزالو كاسترو دي لا ماتا، المدير التنفيذي لمركز "إرثنا" للمستقبل المستدام التابع لمؤسسة قطر
الشكل 9: يوفّر القطاع الخاص الكثير من الفرص للحفاظ على زخم الاستدامة

سؤال: برأيك، في أي من المجالات التالية يمكن أن يؤدي القطاع الخاص دورًا بارزًا في ظل تعزيز المنطقة لالتزامها بالاستدامة؟

sustainability-24-chart

الخطوات التالية

مستقبلاً، ينبغي على القادة المعنيين بشؤون الاستدامة في الشرق الأوسط توجيه تركيزهم نحو أربعة مجالات واضحة، إذا ما أرادوا المساهمة في تحريك عجلة الاستدامة، ومعالجة قضايا المناخ الملحة، وتقليص انبعاثات الكربون الصادرة عن مؤسساتهم في المنطقة:

لا شك أن الفرصة سانحة للارتقاء بمهارات القوى العاملة في المنطقة وتعزيز معرفتها في مجال الاستدامة والمعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة المؤسسية، بما في ذلك متطلبات إعداد التقارير، والتوجهات الناشئة، وتأثير تغير المناخ، وكيفية تطبيق البيانات. كما أن التمعّن في تقييم متطلبات المؤسسات سيساعدها على قياس حجم هذه الفجوة في القدرات ومعالجتها بشكل فعال.

من ناحية أخرى، يمكن أن يؤدي القطاع التعليمي دورًا مهمًا للارتقاء بمهارات القوى العاملة المستقبلية في المنطقة. لذلك، لا بد أن تركز المناهج الدراسية، لا سيما مناهج التعليم العالي، على العلوم والتقنيات ذات الصلة بالمناخ للمساهمة في إعداد الأجيال القادمة لمستقبل عمل أكثر استدامة.

وفي هذا السياق، يمكن للقطاعين العام والخاص توثيق التعاون لتشجيع مثل هذه المبادرات الرامية إلى تمكين القوى العاملة الحالية والمستقبلية، وبالتالي تسريع تنمية الخبرات الأساسية المطلوبة لتنفيذ الجهود المناخية وإحراز التقدم المطلوب على مستوى قطاع الأعمال والمجتمع الأوسع.

ما زالت البنية التحتية في المنطقة تستدعي إرساء أسس الاقتصاد الدائري، حتى على أدنى المستويات، بما في ذلك تحديث أنظمة إعادة التدوير وإدارة النفايات.

كما أن أسواق الكربون، التي تساعد الشركات على تعويض تجاوزها للسقف المحدد من الانبعاثات الملوثة وتحقيق صفر انبعاثات، ما زالت حديثة العهد في المنطقة. وبمجرد أن تشرّع دول الشرق الأوسط اللوائح التنظيمية المتعلقة بالامتثال لمعدلات الكربون في ظل سعيها نحو تحقيق صفر انبعاثات، ستتهيأ الأرضية لنمو هذه الأسواق. ويمكن للقادة المعنيين بشؤون الاستدامة اللجوء إلى هذا الخيار للتعويض عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عن طريق شراء أرصدة الكربون من جهات محددة، مثل سوق أبوظبي العالمية، لإزالة هذه الغازات أو الحدّ منها.

نلاحظ غيابًا شبه تام لأنظمة الاستدامة الإلزامية في المنطقة، ما يؤثر بشكل أكبر على الشركات العاملة في التجارة عبر الحدود مع دول مثل أعضاء الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حيث تسري الأنظمة الإلزامية. على الصعيد التنظيمي، أفاد حوالى واحد من كل أربعة مشاركين في الاستطلاع (أي 22%) بأن غياب السياسات والأنظمة الحكومية الداعمة يشكّل عائقًا رئيسيًا أمام التقدّم على مستوى استراتيجية الاستدامة الخاصة بمؤسساتهم. كذلك، أشار 19% من المشاركين إلى مسألة تعارض الأنظمة عبر الدول باعتبارها مشكلة مهمة. وعليه، تسلط هذه النتائج الضوء على الحاجة الماسّة في المنطقة إلى لوائح منسقة لدعم الشركات العاملة في التجارة الدولية.

من جهة أخرى، نلاحظ الإقبال المتزايد للشركات على إعداد تقارير الاستدامة باستخدام مجموعة مختلفة من أطر العمل، فيما يظل إطار المبادرة العالمية لإعداد التقارير الأكثر شيوعًا. وبطبيعة الحال، فإن غياب إطار موحد لإعداد التقارير في المنطقة يجعل من الالتزام بمختلف المعايير الدولية مهمة شاقة على المؤسسات التي ما تنفكّ تلقى مطالبات متزايدة بتعزيز الشفافية من المستثمرين والمستهلكين الذين يولون اهتمامًا للمسؤولية الاجتماعية.

ومن أجل تعزيز أجندة الاستدامة، يتعيّن على الجهات التنظيمية في المنطقة فرض متطلبات صارمة لإعداد التقارير وجعلها إلزامية، بالإضافة إلى مراجعة المعايير المتعددة التي يتم اتباعها بالفعل، ومن ثم وضع إطار موحد لإعداد تقارير الاستدامة يضمن الامتثال، والمساءلة، وتسهيل المقارنة المعيارية من أجل مساعدة الشركات على قياس أدائها وفقًا للمعايير العالمية.

في حين أن مشهد إعداد تقارير الاستدامة لا يخلو من التعقيد والتطور المستمر، إلا أن التقاعس عن اتخاذ الإجراءات بهذا الشأن لم يعد خيارًا واردًا أمام أي مؤسسة، لا سيما في ظل تزايد المطالب التي تدعو أصحاب المصلحة الداخليين والخارجيين إلى نشر التقارير الموثوقة والشاملة.

يتعيّن على الحكومات، بالتعاون مع القطاع الخاص، وضع معايير تنظيمية جديدة للتمويل المستدام بما يتماشى مع مصادر التمويل المتنوعة. وبالفعل، بدأت دولة قطر والإمارات العربية المتحدة بإعداد الأطر التنظيمية لتمويل المبادرات المناخية. ومع ذلك، يستدعي هذا المسار خطوات أكثر جدية، الأمر الذي تناولناه في تقرير سابق أجريناه تحت عنوان "الفرص السانحة أمام دول مجلس التعاون الخليجي لتعزيز منظومة التمويل المستدام"، حيث أكدنا أن إعداد أنظمة التمويل المستدام التي ترقى إلى مستوى المنافسة العالمية يمكن أن يعود بالكثير من الفوائد والفرص على المنطقة، مثل ريادة أجندة إزالة الكربون، وإتاحة التمويل للمشاريع والمبادرات المستدامة، وتعزيز الشمول والتنمية الاجتماعية، وتعزيز نماذج العمل المستدامة.

يحمل تقرير "واقع الاستدامة في الشرق الأوسط في العام 2024: تذليل العقبات" في طيّاته رسالة من شقّين تتمحور حول التقدّم المحرز من جهة، وحول التقدّم المطلوب في مجال الاستدامة من جهة أخرى. ومما لا شك فيه أن العقبات في طور التداعي، لا سيما مع إدراك قادة الشركات في المنطقة الحاجة الملحّة إلى وضع أجندة استدامة مدروسة، ناهيك عن تزايد الضغوط المفروضة عليهم من جانب الجهات التنظيمية والرقابية في الداخل والخارج، ومن المجتمع ككل. ومع ذلك، تظل الشكوك قائمة، وتحديدًا في ما يتعلق بالتكاليف المحتملة للاستثمارات المستدامة مقابل العوائد المتدنية المتوقعة، والتي أوضحنا، في سياق هذا التقرير، أنها لا تمتّ للواقع بصلة. بصرف النظر، ينبغي على جميع أصحاب المصلحة الاضطلاع بالدور المطلوب منهم بما يضمن جعل الاستدامة محطّ تركيز مكثّف ومتواصل، وترجمة المناقشات حول المساعي المناخية إلى إجراءات ملموسة.

نبذة عن الاستطلاع

تم إجراء استطلاع بي دبليو سي الثالث حول واقع الاستدامة في الشرق الأوسط في الفترة الممتدة ما بين 1 أبريل و6 مايو من العام 2024. وقد تم توزيع الاستطلاع على القادة المعنيين بأنشطة الاستدامة في مؤسساتهم. مع العلم أن غالبية المشاركين يعملون في مؤسسات مقرّها منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، و64% من هذه المؤسسات تجمع إيرادات تتجاوز قيمتها 100 مليون دولار. وفي التفاصيل، يعمل العدد الأكبر من المشاركين في الاستطلاع في مؤسسات مقرّها الإمارات العربية المتحدة (48%)، تليها المملكة العربية السعودية (22%) ثم قطر (14%). وقد شارك في الاستطلاع مجموعة من المسؤولين التنفيذيين والمديرين التنفيذيين المعنيين بشؤون الاستدامة، بنسبة 40% و55% على التوالي. وتعمل المؤسسات المشاركة في مجموعة من القطاعات، أبرزها الخدمات المالية؛ والمنتجات الصناعية؛ والبيع بالتجزئة والمستهلك؛ والطاقة والمرافق والموارد؛ والتكنولوجيا والإعلام والاتصالات؛ والصحة؛ والخدمات الحكومية والعامة.

Dr. Yahya Anouti

Partner and Sustainability Leader, Strategy& Middle East

Email

Amal Larhlid

Partner, EMEA Government & Public Sector Sustainability Lead, PwC Middle East

Email

Azzah Fawzi

Partner, Sustainability Reporting Leader, PwC Middle East

Email

Anand Balasubramanian

Partner, Financial Services Consulting, PwC Middle East

+971 56 603 0036

Email

27th Annual CEO Survey: Middle East findings

Download (PDF of 5.51mb)

الاستطلاع السابع والعشرون لانطباعات الرؤساء التنفيذيين: نتائج منطقة الشرق الأوسط

حمل التقرير (PDF of 5.54mb)

Contact us

Hani Ashkar

Hani Ashkar

Middle East Senior Partner, PwC Middle East

Stephen Anderson

Stephen Anderson

Strategy Leader, PwC Middle East

Follow us