تشهد منطقة الشرق الأوسط تحوّلًا سريعًا، ويُعزى ذلك إلى تزايد عدد الشباب الذين يرغبون في تبني التغيير والابتكار. ففي دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يقيم غالبية المشاركين في استطلاع الشباب الإقليمي، أكثر من 50% من السكان الشباب المحليين هم دون سن الخامسة والعشرين، ما يشير إلى قدرتهم الهائلة على المساهمة في الطموحات العالمية والوطنية المتعلقة بالتنمية المستدامة وتعزيزها. وتُعتبر وجهات نظرهم، وتحدياتهم، وتطلعاتهم الفريدة ضرورية لتشكيل السياسات والمبادرات التي ستحدد مسار التنمية المستدامة في الشرق الأوسط.
توفّر خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي اعتمدتها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، خارطة طريق لسلام وازدهار الشعوب والكوكب، في الفترة الراهنة ومستقبلًا. كذلك، تشدد على أن مستقبل البشرية والكوكب يقع على عاتق جيل الشباب الحالي الذي سيسلّم الشعلة إلى الأجيال المستقبلية.
منذ العام 2015، ازداد الوعي بأهمية أهداف التنمية المستدامة إلى حد كبير. ويتمحور عشرون مستهدفًا ضمن ستة أهداف للتنمية المستدامة حول الشباب، وهذه الأهداف هي: القضاء التام على الجوع، والتعليم الجيد، والمساواة بين الجنسين، والعمل اللائق ونمو الاقتصاد، والحد من أوجه عدم المساواة، والعمل المناخي.
ويدلّ ذلك على أن الشباب جزء لا يتجزأ من أهداف التنمية المستدامة، كما أن معرفتهم، ووجهات نظرهم الفريدة، ومشاركتهم تُعتبر ضرورية لتحقيق التنمية المستدامة على صعيد العالم وفي منطقة الشرق الأوسط.
وتسلّط نتائج الشرق الأوسط المستخلصة من تقرير الأفق المستقبلي للشباب حول العالم 2024 الضوء على آراء حوالى 810 طفل وشاب تتراوح أعمارهم بين 10 و30 عامًا من ثماني دول في المنطقة. ويتميز هذا التقرير بنهجه الفريد، فهو يستعرض أفكار وآراء فئة غالبًا ما يتم اهمالها. بالإضافة إلى ذلك، ومن خلال مقارنة نتائج الشرق الأوسط مع التقرير العالمي، الذي يتضمن آراء أكثر من 2000 شاب في 43 دولة، يمكننا فهم وجهات النظر الإقليمية بشكل أفضل والنظر في طرق لإشراك هذه الفئة من أجل المساهمة في بناء غد أكثر استدامة وعدلًا. لقد حان الوقت إذًا للاستفادة من هذه الفرصة الإيجابية واتخاذ تدابير حاسمة. فمن خلال إشراك الشباب والاستفادة من أفكارهم وقدرتهم الإبداعية، يمكننا بناء مستقبل مستدام. ويُعتبر هذا التقرير خطوة مهمة في هذا الاتجاه.
تُبرز النقاط الرئيسية التالية من استطلاعنا الذي أجريناه أولويات الشباب في الشرق الأوسط ووجهات نظره الفريدة، وتشدد على التزامه ببناء مستقبل أفضل. فمن تبني أهداف التنمية المستدامة من خلال مبادرات التعليم والتوعية وصولًا إلى امتلاك ثقة كاملة بالتغييرات التي تجريها الحكومة ومنح الأولوية للمواضيع المتعلقة بالصحة، والتعليم، والمياه، والابتكار، يقف شباب الشرق الأوسط في الطليعة لبناء مستقبل مستدام لمجتمعاته وما هو أبعد منها.